📣 الحلقة الرابعة
رغم أنها تُعتبر القلب النابض للحركة التجارية في العرائش، تعيش “البلاصة” سوق السمك وضعًا مزريًا لا يليق بتاريخ المدينة ولا بقيمة هذا المرفق الحيوي. المكان الذي كان يومًا رمزًا للتجارة المنظمة، أصبح اليوم نموذجًا مؤلمًا للفوضى وغياب الصيانة وضعف الحكامة، في وقت تزداد فيه حاجة المدينة لبنية تحترم شروط السلامة والجودة والنظافة.
أول ما يلفت الانتباه هو الإهمال الواضح للمكان، سواء من طرف المستغلّين داخله أو من طرف الجماعة المفروض أنها مسؤولة عن تسييره. الباعة والوسطاء يمارسون أنشطتهم وسط ظروف بعيدة تمامًا عن أبسط شروط النظافة أو التنظيم، حيث تتكدس بقايا الأسماك وبرك مائية بشكل يومي دون أي تدخل فعّال، مما يحوّل المكان إلى بؤرة روائح كريهة وأمراض محتملة. ورغم أن هذا السوق يرتبط بشكل مباشر بصحة المستهلك، فإن الواقع يقول إن المراقبة شبه غائبة، وأن التدبير يتم بنوع من العشوائية التي صارت “عادية” في أعين البعض.
أما من جهة الجماعة، فالصورة لا تقلّ سوءًا. ورغم أن “البلاصة” تدرّ مداخيل مالية مهمة، فإن المرفق لا يعرف صيانة حقيقية ولا تدخلات هيكلية واضحة. باستثناء بعض التدخلات الشكلية المرتبطة بحكومة الأندلس، التي تُصرف فيها مبالغ ضخمة لأغراض ترميمية موسمية لتحتفظ بزخرفتها التي تحمل طابع اندلسي . ليبقى سوق السمك على حاله دون أدنى إصلاح شامل أو رؤية واضحة للنهوض به كمرفق عمومي. المفارقة المؤلمة أن الجميع يرى الوضع يوميًا: جدران ملوثة، أرضيات معفنة ، غياب تهيئة، فوضى الباعة، والعشوائية هي عوامل تسيء لصورة المدينة ولسمعة قطاع تجارة السمك بالعرائش.
هذا الوضع لم يعد مجرد مظهر سلبي، بل أصبح خطرًا حقيقيًا على صحة المواطنين، وعلى سمعة المنتوج البحري الذي تشتهر به المدينة. “البلاصة” ليست مجرد نقطة بيع، بل واجهة اقتصادية وسياحية يفترض أن تعكس علاقة العرائش ببحرها وبثروتها السمكية. ومع ذلك، تُترك اليوم تغرق في الإهمال تحت أنظار المسؤولين دون أي تدخل يرقى لحجم المشكلة.
إن إصلاح هذا السوق ليس رفاهية، بل ضرورة ملحّة تتطلب تدخلًا جادًا من الجماعة والجهات الوصية وجميع الفرقاء المهنيين. فلا يمكن للمدينة أن تتطور في ظل مراكز بيع لا تحترم المعايير، ولا يمكن للبحّارة أن يفتخروا بخيرات بحرهم إذا كانت تُعرض في ظروف لا تليق بقيمتها.
البحر يعطي العرائش أكثر مما يأخذ… لكن من واجبنا أيضًا أن نحافظ على المرافق التي تحتضن خيراته، حتى لا يتحول الإهمال إلى واقع دائم.
إمضاء: دوكيسا بريس ✍️
