🌊 انطلاق سلسلة “صوت البحر” على دوكيسا بريس
📣!!! الحلقة الأولى.
يُعدّ المحيط الأطلسي ثاني أكبر محيط في العالم بعد المحيط الهادئ، إذ يغطي نحو خمس مساحة سطح الأرض، ويمتد من القطب الشمالي شمالًا إلى القطب الجنوبي جنوبًا، ليشكّل أحد أهم المحاور الجغرافية والاقتصادية على كوكبنا. يتميز هذا المحيط بموقعه الاستراتيجي الذي يفصل بين القارتين الأمريكيتين من جهة، وأوروبا وإفريقيا من جهة أخرى، مما جعله عبر التاريخ همزة وصل بين الحضارات، وجسرًا رئيسيًا للتجارة والاكتشافات منذ قرون.
تبلغ مساحة المحيط الأطلسي حوالي 106 ملايين كيلومتر مربع، ويتصل بالمحيط الهادئ عبر مضيق دريك في أقصى الجنوب، وبالمحيط المتجمد الشمالي عبر بحر النرويج وبحر غرينلاند. أما متوسط عمقه فيصل إلى نحو 3646 مترًا، في حين تُعدّ أعمق نقطة فيه خندق بورتو ريكو الذي يبلغ عمقه أكثر من 8600 متر. ويُعرف قاعه بتضاريسه الفريدة التي تضم سلسلة جبلية ضخمة تُعرف باسم “السلسلة الأطلسية الوسطى”، وهي تمتد على طول المحيط وتشكل فاصلًا طبيعياً بين الصفائح التكتونية.
يُعتبر الأطلسي من أغنى المحيطات بالحياة البحرية، حيث تزخر مياهه بعدد هائل من الكائنات والأسماك مثل التونة والسردين والكرمال، إضافة إلى الأخطبوطات والحبار، فضلًا عن الحيتان والدلافين. وتشكل سواحله مناطق صيد رئيسية تُعدّ من بين الأهم عالميًا، خاصة قبالة سواحل المغرب والنرويج وكندا، مما يمنحه قيمة اقتصادية وبيئية كبرى.
المحيط الأطلسي أيضًا نظام مناخي معقد يؤثر بشكل مباشر على طقس العالم. إذ يحتوي على مجموعة من التيارات البحرية القوية التي تتحكم في توازن درجات الحرارة على سطح الأرض، مثل تيار الخليج الدافئ الذي يلطف مناخ أوروبا، وتيار الكناري البارد الذي يمر بمحاذاة السواحل المغربية وموريتانيا، وهو المسؤول عن اعتدال الطقس في معظم المدن الساحلية المغربية وانتعاش الأجواء حتى في فصل الصيف.
تاريخيًا، لعب الأطلسي دورًا محوريًا في مسيرة الاكتشافات الجغرافية الكبرى خلال القرنين الخامس عشر والسادس عشر، حيث أبحر عبره المستكشف كريستوفر كولومبوس في رحلته الشهيرة نحو العالم الجديد، كما شهد انطلاق سفن التجارة والمغامرات البحرية من موانئ أوروبا وشمال إفريقيا. واليوم، لا يزال هذا المحيط شريانًا رئيسيًا في التجارة الدولية، إذ تمر عبره أكثر من نصف حركة النقل البحري في العالم، إلى جانب ما يحتويه من ثروات طبيعية هائلة كالنفط والغاز والمعادن النادرة في أعماقه.
أما بالنسبة للمغرب، فإن موقعه الجغرافي يمنحه واجهة بحرية استراتيجية تمتد لأكثر من 2500 كيلومتر على المحيط الأطلسي، من مدينة طنجة شمالًا إلى الكويرة جنوبًا، ما يجعل منه بلدًا أطلسيًا بامتياز. وتزدان هذه الواجهة بسلسلة من المدن الساحلية الجميلة التي تحمل عبق التاريخ وروح البحر، مثل العرائش، الصويرة، أكادير، الداخلة، الجديدة، والدار البيضاء.
إن هذا الساحل الأطلسي المغربي لا يمثل مجرد خط مائي، بل هو ثروة بيئية وسياحية واقتصادية كبرى للمملكة، ومصدر فخر لهويتها البحرية العريقة. فالمحيط الأطلسي بالنسبة للمغاربة ليس مجرد مسطح مائي، بل هو ذاكرة، وهوية، وفضاء حيّ نابض بالحياة، يعكس ارتباط الإنسان المغربي بالبحر ووفاءه لأمواجه التي تحكي قصص الصيد والتجارة والحلم الدائم بالانفتاح على العالم
✍️ دوكيسا بريس: نَفَس الأطلسي من قلب العرائش
