في صورة تختصر الواقع المؤلم، يظهر تلاميذ دوار أمضغر وهم يخوضون في مياه الواد بأقدامهم الصغيرة، في رحلة محفوفة بالمخاطر من أجل بلوغ قسمٍ لا تتجاوز مساحته بضع أمتار، بينما ملايين الدراهم تُصرف اليوم على تدشين ملاعب المونديال في أبهى حُلّة.
هذا المشهد ليس من فيلم وثائقي عن إفريقيا المنسية، بل من مغرب 2025 الذي يتهيأ لاحتضان كأس العالم 2030. أطفال في عمر الزهور يُغامرون بأجسادهم الضعيفة في مواجهة تيارات الوادي، بينما من يفترض أن يضمن لهم طريقاً آمناً، منشغل بعدّ المقاعد والصفقات التي ترافق “عرس الكرة العالمي”.
أي مفارقة هذه؟! أطفال يسابقون السيول للوصول إلى حلم “القلم والكتاب”، فيما مسؤولون يسابقون الزمن لقص شريط ملعب جديد. المدارس في القرى لا تملك حتى جسرًا يربطها بالعالم الخارجي، بينما الملاعب تملك جسوراً معلّقة للكاميرات والطائرات المسيّرة.
إنه المشهد الذي يُجبرنا على طرح سؤال بسيط وموجع:
هل صارت المدرسة أقل أهمية من المونديال؟
وهل صار مستقبل هؤلاء التلاميذ مجرد تفصيل ثانوي في أجندة سياسية مليئة بالشعارات البراقة؟
المؤسف أنّ هؤلاء الأطفال لا يملكون الحق حتى في الاحتجاج أو المطالبة بحقوقهم، كل ما يملكونه هو الصبر وابتسامة خجولة رغم البلل والطين. أما نحن، فكل ما نملكه هو صورة تفضح واقعاً أشد قسوة من أي خطاب رسمي.
التعليم بطولة حقيقية، لكن يبدو أن لا أحد يفكر في رفع الكأس فيها.