يبكي الرجال لموت الأم لأنها تمثل النبع الذي لا ينضب من الحنان والأمان، فهي الحضور الدائم الذي يجعلهم يشعرون بأنهم ما زالوا أطفالًا مهما تقدم بهم العمر. الأم هي الرمز الحي للعطاء والحب غير المشروط، وهي التي ترسخ في نفوس أبنائها الإحساس بالاستقرار والاطمئنان. عندما تغيب الأم، ينكسر هذا الرابط العميق، ويشعر الرجل بأن جزءًا من روحه قد افتقد.
الرجال يبكون لموت الأم لأن وجودها يمثل الحماية والأمان في حياتهم. كانت الأم تغمرهم بحنانها ورعايتها، وتهتم بأدق تفاصيل حياتهم. غيابها يترك فراغًا لا يمكن لأي شيء أن يملأه، فراغًا يعمق الإحساس بالوحدة والحنين إلى الماضي. في حضن الأم كان الرجل يشعر بأنه ما زال طفلًا مهما كبر، وكان يجد في كلماتها وابتسامتها ملاذًا من قسوة الحياة ومتاعبها.
مع رحيل الأم، يتحول الحزن إلى شعور دائم بالفقدان، يتجلى في شيب مبكر في الشعر وتجاعيد حزينة على الوجوه. هذا الشيب لا يعكس فقط مرور الزمن، بل يعبر عن تجارب الفقد والحزن التي تتراكم مع غياب الشخص الذي كان يمثل الدعم المطلق والمساندة الدائمة. في كل مرة يتذكر فيها الرجل أمه، يعود بذاكرته إلى لحظات الدفء والحنان، ويشعر بفراغ لا يمكن لأي شيء أن يسده. فالأم ليست مجرد شخص، بل هي نسيج من الذكريات والأحاسيس التي تشكل جزءًا كبيرًا من كيان الإنسان. هي التي كانت تتفهمه دون أن يتكلم، وتشعر بآلامه قبل أن يعبر عنها.
غياب الأم يعني فقدان هذا الفهم العميق والحنان اللامتناهي، ويترك الرجل يواجه الحياة بدون دعمها الروحي والعاطفي. لذا، فإن الرجال يبكون لموت الأم لأنهم يشعرون بأنهم فقدوا ليس فقط الشخص الذي كان يحبهم بلا شروط، بل فقدوا أيضًا جزءًا من أنفسهم، جزءًا كان يجعلهم يشعرون بالأمان والطمأنينة مهما كانت التحديات. إن موت الأم يترك فراغًا لا يملأه الزمن، ويظل الحنين إلى كلماتها ونصائحها وابتسامتها محفورًا في القلوب إلى الأبد.
تظل حكمة “صقصي المجرب لا تقصصي الطبيب” عالقة في الأذهان، فالله يرحم جميع الأمهات اللواتي غادرونا، والله يرزق الصحة والعافية لمن لازلن بيننا.